الزِّراعة: تاريخها

زِراعةُ المَحاصيلِ وتَربيةُ الحَيَواناتِ للغِذاءِ اثنَتانِ من أهَمِّ الخُطُواتِ التي خَطاها الإنسانُ إطلاقًا. قبل نُشوءِ الزِّراعةِ عاشَ النّاسُ على جَمعِ العِنَبيّاتِ (التّوت وأشباهُه) ونَباتاتٍ أُخرى وصَيدِ الوُحوشِ. كانَ النّاسُ بَدوًا رُحّلًا اضطُرّوا إلى التَّجوالِ بَحثًا عَنِ الغِذاءِ. منذُ حوالي 000 12 سنةٍ اكتَشَفَ النّاسُ في الشَّرقِ الأوسطِ أنّهم يَستَطيعونَ زِراعةَ الحُبوبِ كالقَمح ِمثلًا. هؤلاءِ كانُوا أوّلَ المُزارِعينَ. مع نُشوءِ الزِّراعةِ بَدأَ النّاسُ الاستقرارَ بصفةٍ دائمةٍ في مكانٍ واحدٍ وكَبُرتِ القُرى فأَصبَحَت مُدُنًا. أَنتَجَ المُزارِعونَ غِذاءً كافيًا للسُّكّانِ وهكذا صارَ لبَعضِ النّاسِ أوقاتُ فَراغٍ للقِيامِ بأعمالٍ أُخرى كالغَزلِ والنَّسيجِ وصُنعِ الفَخّارِ والأدواتِ. ولكن لأنّ الجميعَ كانوا يَعتمِدونَ على الزِّراعةِ للحُصولِ على الغِذاءِ كانَ كثيرونَ يَموتونَ جُوعًا عندَ فَشَلِ أو فَسادِ المَحاصيلِ لسوءِ الطَّقسِ (الجَفاف ونَحوه). وخِلالَ القُرونِ جَرَّبَ النّاسُ سُبُلًا كثيرةً مُختلِفةً لإنتاجِ مَحاصيلَ أفضَلَ. مع الثَّورةِ الزِّراعيّةِ في أوائِلِ القَرنِ الثّامِنِ عَشرَ ساعَدَتِ الطَّرائقُ الحَديثةُ على التَّغلُّبِ على فَشَلِ المَحاصيلِ وفَسادِها، والزِّراعةُ اليومَ صِناعةٌ عالمَيّةٌ ضَخمةٌ.